نحن معكم 911 أو 998

في ذكرى ملحمة التوحيد والإحتفال باليوم الوطني الدفاع المدني - خطوات واثقة للحفاظ على مكتسبات الوطن وسلامة أبنائه

17/11/1434

أرسى الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود ركائز الدولة السعودية الحديثة ووضع الأساس الصلب لتصعد خلال العقود الثمانية الماضية التي أعقبت ملحمة توحيد المملكة إلى طليعة القوى الدولية الفاعلة في صناعة القرار العالمي والمؤثرة في محيطها العربي والإسلامي والدولي.

وأعتنى الملك المؤسس – طيب الله ثراه – وفي السنوات الأولى من إعلان توحيد المملكة قبل 83 عاماً بكل ما من شأنه الحفاظ على أمن وسلامة أبناء المملكة والقادمين إليها من جميع أنحاء العالم لأداء مناسك الحج والعمرة، فوضع في خضم مرحلة التأسيس أول لبنات جهاز الدفاع المدني السعودي بإنشاء أول فرقة إطفاء بالعاصمة المقدسة والتي كانت نواة لإنطلاق هذا الجهاز لأداء رسالته في حماية المكتسبات الوطنية والحفاظ على سلامة الأرواح والممتلكات العامة والخاصة ومد يد العون والمساعدة للدول الصديقة والشقيقة في أوقات المحن والكوارث بأرقى القدرات البشرية وأحدث المعدات والآليات وأعلى مستويات الكفاءة والمقدرة فيمواجهة كافة أنواع المخاطر بشهادة أكبر المنظمات الدولية المعنية بأعمال الدفاع المدني والحماية المدنية .

وفي الذكرى الثالثة والثمانين لتتويج ملحمة توحيد المملكة والإحتفال بيوم الوطن تتجدد صفحات تطور الدفاع المدني السعودي وتتواصل إنجازاته لأداء مهامه الوطنيةوالإنسانية وتتجلى ملامح مسيرة عطاء رجال الدفاع المدني وتضحياتهم طوال السنوات الماضية، وصولاً إلى هذا العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين – يحفظهما الله–والذي شهد فيه الدفاع المدني نقلة نوعية في قدراته وتجهيزاته صعدت به إلى مصاف أفضل أجهزة الدفاع المدني في العالم.

البدايات الأولى:

ترافقت البدايات الأولى لجهاز الدفاع المدني مع خطوات المملكة على طريق بناء الدولة السعودية الحديثة التي أرسى دعائمها الملك المؤسس – يرحمه الله – بإنشاء أول فرقة للإطفاء في مكة المكرمة عام 1346هـ - 1926م وانضمت هذه الفرقة وقتها إلى جهاز الأمن العام تحت مسمى رئاسة عموم المطافئ.

وتوالى إنشاء مثل هذه الفرقة في المدينة المنورة ثم الرياض وبقية مناطق المملكة وسعياً إلى تنظيم عمل هذه الفرق وتحقيق أكبر قدر من الإستفادة منها والتنسيق بينها في مواجهة الحوادث الكبرى تحت قيادة واحدة صدر قرار إنشاء المديرية العامة للإطفاء بوزارة الداخلية عام 1960م ، بعدها بخمسة سنوات تغير هذا المسمى إلى المديرية العامة للدفاع المدني مع تحديد دقيق لمهامهما والتي لم تعد تقتصر فقط على مكافحة الحرائق بل شملت أعمال الإنقاذ والإسعاف ومواجهة الكوارث الطبيعية والحوادث الكبرى على إختلاف أسبابها وأنواعها.

وحرصاً من الدولة - رعاها الله- على الإرتقاء بقدرات الدفاع المدني لمواكبة التطور الكبير الذي شهدته المملكة خلال العقود التي تلت ملحمة التوحيد في جميع المجالات والحفاظ على ثمار هذا التطور، تعددت المستويات التنظيمية لأعمال الدفاع المدني من خلال ما صدر من أنظمة ولوائح تحت مظلة مجلس الدفاع المدني برئاسة صاحب السمو الملكي وزير الداخلية ويضم كاف الجهات المعنية بتنفيذ تدابير الدفاع المدني في حالات الطوارئ والكوارث، ونجح مجلس الدفاع المدني منذ إنشائه في أن يضع الدفاع المدني على أعتاب مرحلة جديدة من التطور من خلال سياسات واضحة وتحديد دقيق لمهام الجهات الحكومية الأعضاء وتبني الخطط والمشروعات لتوسيع مظلة خدمات الدفاع المدني وتعزيز قدراته للتعامل مع كافة المستجدات والإفادة من التقنيات الحديثة في أداء المهام المنوطة به على الوجه الأمثل.

وتولت المديرية العامة للدفاع المدني كأحد القطاعات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية تنفيذ السياسات العامة لمجلس الدفاع المدني والقيام بكافة المهام لحماية الممتلكات العامةوالخاصة ومصادر الثروة الوطنية من جميع الأخطار وإعداد قواعد ووسائل السلامة ومتابعة الإلتزام بها وإتخاذ كافة الإجراءات والتدابير في رصد المخاطر والتدخل لتلافيها والتخفيف من آثارها وإعداد كافة الخطط لمواجهة الطوارئ بما في ذلك تدريب المتطوعين وتمثيل المملكة في المنظمات الدولية المعنية بأعمال الدفاع المدني.وأثمر اهتمام الدولة – رعاها الله - بتطوير قدرات الدفاع المدني وإمتلاكه لأحدث الآليات والمعدات وتحديث تجهيزاته وتوسيع مظلة انتشاره في جميع مناطق المملكة ، من خلال الآف من المراكز والوحدات والاستفادة من التقنيات الحديثة في أعماله كافة، والإطلاع المستمر على التجارب والخبرات الدولية المتميزة ، وابتكار برامج التدريب والتأهيل العلمي لرجال الدفاع المدني.

وتجلت قدرات الدفاع المدني على أداء مهامه في حماية مكتسبات الوطن وثرواته ، وفي مقدمتها الثروة البشرية ، في كثير من المواقف والاختبارات الصعبة التي اجتازها رجال الدفاع المدني بنجاح كبير.
وتجسدت هذه القدرات في مواسم الحج وتأمين سلامة ملايين الحجاج والمعتمرين بكفاءة عالية ، جعلت كثيراً من دول العالم تسعى للاستفادة من خبرات الدفاع المدني في إدارة الحشود الكبيرة وتأمين سلامتها، وكذلك في مواجهة حوادث السيول والأمطار التي تعرضت لها المملكة خلال السنوات القليلة الماضية.
وانطلقت المديرية العامة للدفاع المدني من هذا المستوى إلى آفاق العالمية من خلال عضوية فاعلة بالمنظمة الدولية للحماية المدنية ، كأحد الأعضاء المؤسسين للمنظمة ، وعبر توقيع اتفاقيات التعاون مع عدد كبير من الأجهزة المماثلة في الدول المتقدمة في مجالات التدريب وتحديث الآليات والمعدات ، وزيادة فرص الابتعاث لمنسوبي الدفاع المدني للدراسة في كبريات الجامعات في العالم ، والمشاركة المتميزة في أعمال الإنقاذ والإغاثة على المستويين الإقليمي والدولي ، ومنها مشاركة فريق الإنقاذ السعودي في أعمال الإنقاذ والإخلاء والإيواء لمتضرري فيضانات باكستان والتي أثبت الدفاع المدني من خلالها تفوقه في أول مشاركة له في أداء مهام إغاثية وإنسانية خارج حدود المملكة وهو الأمر الذي يعزز من قدراته للحصول على التصنيف الدولي الثقيل للمشاركة في أي مهام مشابهة خارج البلاد.

وتتعدد دلائل ومقومات تميز قدرات الدفاع المدني السعودي لمواكبة مسيرة النهضة وأداء أعمال الإنقاذ والإغاثة داخل حدود المملكة وخارجها ، من خلال البنية التدريبية الأساسية لرجال الدفاع المدني ، التي بدأت بإنشاء معهد الدفاع المدني ، وتواصلت بإنشاء مراكز التدريب في عدد من المناطق، إضافة إلى إعتماد إنشاء مدن للتدريب في كل من مكة المكرمة والرياض.
واعتماد إنشاء أكثر من 197 مركزًا للدفاع المدني في مختلف مناطق المملكة ، لتوسيع مظلة الحماية المدنية في جميع أرجاء البلاد ، واستيعاب النمو المتزايد في عدد السكان والمشروعات التنموية الجديدة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين لتطوير المقرات الأمنية وبرنامجه - حفظه الله - لتطوير آليات الدفاع المدني بتكلفة تزيد عن مليار ومائتين مليون ريال.

 
وبلغت تكلفة إنشاء معاهد ومراكز تدريب الدفاع المدني خلال السنوات الثلاث الماضية أكثر من 240 مليون ريال ، أسهمت في تأهيل وإعداد أكثر من 8500 من الأفراد ومشاركة أكثر من 10.000 من الضباط والأفراد من خلال عدد كبير من البرامج التدريبية داخل وخارج المملكة، وإتاحة الفرصة لضباط وأفراد الدفاع المدني للحصول على الدرجات العلمية من الجامعات السعودية والأجنبية ، حتى وصل عدد المبتعثين لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه داخل وخارج المملكة إلى أكثر من 94 مبتعثاً ، إضافة إلى تنفيذ أكثر من 4000 دورة تدريبية ، وأكثر من 1200 دورة بالتعاون مع جامعات وهيئات حكومية سعودية ، وما يقارب من 100 دورة تدريبية خارج المملكة.
وكان الدفاع المدني سباقاً في استثمار تقنيات المعلومات والاتصالات ، لتعزيز قدراته في رصد وتحليل مجمل المخاطر والاستعداد لها ، وتطوير كفاءة الوحدات الإدارية والميدانية ، والاستفادة من هذه التقنيات في تفعيل برامج التوعية بالمخاطر بين جميع فئات المجتمع ، والإطلاع على كل جديد في مجال عمل الدفاع المدني ، وتنفيذ برامج التدريب عن بعد ، ونشر ثقافة السلامة ، وهو ما كان له أكبر الأثر في حصول المملكة على الوسام الذهبي من المنظمة الدولية للحماية المدنية في جنيف ومنح عدد من ضباط وقيادات الدفاع المدني أنواط الامتياز لأدائهم الراقي والمتميز في أعمال الحج، وكذلك في مواجهة الأمطار والسيول وغيرها من أعمال الدفاع المدني.

وفي كل عام ومع الإحتفال باليوم الوطني تتجلى تضحيات عشرات من شهداء الدفاع المدني والذين ضحوا بأرواحهم في ميادين الواجب وسطروا أروع صور البطولة والفداء في خدمة الوطن وحفروا أسمائهم بأحرف من نور في ذاكرة وطن الوفاء الذي أحاط أسرهم وعائلاتهم بكل الحب والرعاية.

وفي هذه المناسبة الوطنية يتسابق كل رجال الدفاع المدني قولاً وعملاً في تجديد العهد للقيادة الرشيدة لبذل كل جهد من أجل الحفاظ على مكتسبات الوطن وسلامة أبنائه والمقيمين به لتتواصل مسيرة عطاء الأجيال من رجال الدفاع المدني مستلهمين كل القيم النبيلة والدروس العظيمة في ملحمة توحيد المملكة من أجل مزيد من الإنجاز على طريق التطور والتقدم.